أيام الطفولة...
لم تكن أظافرى ناعمة..
نظرت فى الملكوت كتير و سألت ...و كلمة ليه و عشان ايه ...كتير سألت
ظننت أولا اننى غير عادى ...نبيا مثلا .....
ثم كبرت قليلا...
وللعجب ظلت أحلام اليقظة تزيد ...
و فى الخامسة من عمرى...
طلبت من الله فى صلاتى ان يميتنى...
اتذكر ذلك بشدة.... و لكنى لهيت عن هذا الطلب لشهور...
ثم عاودته مرة أخرى...
شغلتنى الحياه و معناها بشكل غير عادى...
انسان ...ايا انسان ... مــا أجهلك .... ما أتفهك فى الكون و ما أضئلك !
كانت حياتى وقتها هى عبارة عن " أحلام اليقظة - تأملات فى الخلق"
طوال الوقت ...أتأمل
ابتدى الأمر بسؤال ... و لما قوبل بالضحك ... نفرت من الكبار ...
و أضحيت أفسر كل شىء ... على مزاجى ...
ثم تعود التقسيرات للتغير...كلما كبرت و تعلمت ...
وقد كنت مازلت فى سن صغيرة جدا ....
و طالما كانت تساؤلاتى بلا حدود... لم يكن لشخصا أعرفه ان يتعلم او يعرف او حتى يسأل و يصل الى ذلك الحد الذى وصلته قبل بلوغه سن الثامنة عشر على الاقل...و قد بلغت ذلك فى سن تسع سنوات
ومن الناس بالطبع من لم يتطرق الى ذهنه سؤالا كهذه الاسئله التى سألت ووصلت لاجابتها قبل اتمامى العقد الاول من عمرى ، حتى يبلغ العقد الثالث من العمر ... ومنهم من لم يسأل ابدا ... ربما لم يستطع ..أو ربما قبل بكل شىء كما هو و لم يحتاج ان يعرف أكثر...بل ربما عرف الكثير ولم يفهم... ولن يفهم ..
لم يكن الاحساس بالتميز يشغلنى ...ولم يكن موضع اعجاب من أهلى مثلا...
بل كانو يشعروننى بان هذه خلقتى ... كما خلق الفيل بزلومة مثلا ...
اذكر فى شهادة الابتدائية عندما كان مجموع درجاتى العام 97% ... ونزلت جارتنا تزغرد لان صبيها قد حصل على مجموع 73% و ابنة أختها خصلت على 79% وهى فى شدة الفرح توزع زجاجات البيبسى المجانية على العمارة مجانا ...
سألت السيدة وهى وسط فرحتها والدتى عن درجاتى فى خجل فقد نسيت اننى فى مثل سن ابنها... فردت والدتى غير متباهية تماما ... مع اننى كنت الاول على مدرستى ... ولكن لم يهمها ذلك ... فلم أقم بانجازا.. بل وانه ربما قليلا ..واننى ان جئت غير ذلك فاننى سوف أُحاسب !
لم أحس ابدا ان هذا شىء غير طبيعى ...كنت أصدقه تماما
وزادت أحلام اليقظة ... وزادت محاولاتى و تجاربى...
كنت أحس ان الله يحبنى ....و بشكل مختلف أيضا
بل ربما وقتها كنت متأكدا من ذلك ....
كنت أسجل ايضا - كما هو واضح - كل تصرفات الكبار الحمقاء فى عقلى كى لا تحدث لى عندما أكبر...
لم تتوقف الملاحظة ولا التسجيل طيلة عمرى...
وفى يوم من أيام الحيرة ... قبل بلوغى التانية عشرة ... توصلت انه من العظيم ان يتخيل المرء جنته و يضعها صوب عينيه
ربما تساعده على الحياه و تكون حافزا على بلوغها... ولكن حكايات الدين عن الجنة لم تحسسنى ان هذا ما أتمناه ...فلم أشعرأبدا ان ما يحكون عنه سوف لن يكون مملا فى يوم من أيام هذه الحياه الابدية...ولكن
تركو جزءا لخيالى ...وقالو انك لن تستطيع ان تتخيل مهما وصفت لك ...ليس لان الكلمات غير قادرة على الوصف...بل لأن الخيال نفسه غير قادر على الوصول لطبيعة تلك الحياه...فلتتمن ما شئت ... وسوف يحققه الله لك كما لم تكن تتخيل ...
هل هنال شىء لا أستطيع ان أتخيله؟
دائما حاولت ان أطلب ما أشتهى ... ولم أعرف هل سوف تكون تلك الاشياء جميلة بالقدر الكافى كى تلازمنى حياتى الابدية؟
هل أتمنى اشياءا لم استطع الحصول عليها فى الحياة الدنيا ...؟
لم ترضنى تخيلاتى عن الجنة... ولم استطع ابدا ان اتمن شيئا ...
ولا اعرف كيف اتمنى ان تكون جنتى ...
كنت مؤمنا بالله بالحب ... وبالعقل ...وكان الخوف من الله ايضا يرشدنى
وظللت أكبر... وتتحقق أحلامى بأسرع ماكنت أتخيل ... وبشكل غير مساو للظروف التى أمر بها...
وغفلت عن الخوف من الله ... وظللت أقترف الذنوب تارة ..وأعود الى الله تارة ...
وبعد بلوغ سن الرشد كان كل شىء يتقدم بسرعة تذهلنى ... ولكن طبقا لطبيعتى و " زلومتى" لم يكن هذا غير عادى بالنسبة لى ... ولكنه ابدا لم يرضينى .. وأحسست ان هذا المعدل مهما كان سريعا فهو لن يصل بى فى النهاية الى أحلامى ...
وعلىّ زيادة سرعة هذا المعدل...
وتوالت الايام ... الصعبة منها و السهلة ...
زرقنى الله بكل ما تمنيت فى زوجتى و ابنتى ... بل و أكثر ما تمنيت ...
وظللت أتابع عملى و مهنتى بجد ومثابرة ...
ربما كنت عكس الاتجاه بالنسبة لأناس كثيرون ... ولكن كان هذا هو الاتجاه بالنسبة لى ...
ربما كان ذلك كثيرا على سنى و ظروفى بالنسبة لكثيرون ...
ولكنه بمنتهى الامانة كان قليلا بالنسبة لى ....
متفائل ..
طالما عرفت اننى عاطفيا لأبعد الحدود ...ربما أخرنى ذلك فى بعض المراحل عن بعض أهدافى... وربما الغفلة أيضا أخرتنى..
ولكن عوضنى عن كل ذلك سعادتى الغامرة مع زوجتى وابنتى ...
كنت أسخر من أحدا عندما يتحدث عن المشاكل ... فلطالما اّمنت ان لكل شىء حل ...
ولكونى أكثرهم تفائلا فكان ذلك موضع سخرية أحيانا...
غمرنى الحب ... وكانت المتعة الوحيدة التى تزيد نشوتها مع مرور الايام ...
أحسست ان بهذا إكتملت حوافز الحياه ...
و لا أستطيع ان أصف حلاوة زوجتى و ابنى .... هذا الجمال و الااستقرار الذى عاشته نفسى ...
بعد ان تغلبت على الشك...وعلى الخوفات البشرية ... وزى ما بيقولو كدة " ربنا عوض أخر صبرى خير "
تمنيت ان اعيش ابدا ..
عرفت ان احساسى بالفرح ايضا كان عاليا ...كنت أفرح اكثر من كل من حولى ... وبالتالى الحزن طبعا ...الذى - حمدا لله ...لم يطل ابدا .. و غبره من الاحاسيس التى عشتها دائما فى أعلى حالاتها ...مما كان موضعا للاستغراب ممن حولى دائما..
وطمعت ان ابدأ بالترفع عن كل صفات الرذيلة البشرية ...و حاولت المرور خلال ذلك بنجاح ...يشوبه بعض الضعف الانسانى...
و الان هو يرضي عقلى ...فلم أعد صغيرا...عرفت القناعة ... ولكن مازال الطموح لا يعرفها...
الحياه دائما بارتفاع ...حمدا لله ... لم اشعر بالغرور يوما... و لم يهتز ايمانى ساعة ...
حتى رحلت زووجتى و ابنتى ....
لم أختبر مأساه شخصيه فى حياتى مثل تلك ...
لا تستطيع الكلمات ان تصف إحساسى ...
لم أصدق ذلك لفترة طويلة...
عرفت الان ان هناك شيئا لا استطيع اتخيله ... حتى وان كان قد حدث
إهتزت كل ايماناتى بالاشياء من حولى واحتاج كل شىء للترتيب و العقل ... ولكن وسط أصعب لحظات الانهيار ...
........لا يمكن ان أكتب عن ما أحس بهذا .......
عذبنى ...
عذبنى ...
عذبنــــى ....
لم ينهار قلبى الى هذا الحد ...طوال عمرى
رفضت الطب النفسى أو المخدرات او اى وسيله تلهينى عن التفكير ...
لقد كان ذلك فوق طاقتى و احتمالات قلبى و عقلى وكل شىء !
ولكنى تذكرت ان الله لا يحمل نفسا إلا وسعها .....
ظللت أتضرع له حتى أصبر ....
ومازلت أتضرع ...
ومازلت لا اتحمل الصبر ....
ولكنى عرفت الخوف من الله الان ...
عرفته...كما لم أعرفه من قبل
فقد كان ينقصنى هذا العنصر من الايمان بالله...
من عبدوا الله بالعقول ققط ... اهتزت عقولهم
ومن عبدوه بالقلوب فقط ... فسدت قلوبهم
و من عبده بالخوف فقط ...لم يعرف الحب ... ولم بهدأ باله... وربما تمرد وكفر
لم أعرف خبرة الايمان بالله بهذه الثلاثة اشياء معا إلا الاّن ....
أتعذب... ولكن أتذكر
لا يحمل الله نفسا الا وسعها...
وسط الانهيار..تسائلت !
لما لم يكن أجلى أنا ؟
ثم سألت نفسى هل انا مستعد لأجلى ؟
عرفت لما لم يكن أجلى..
و حمدته على ذلك ...ولا زلت أحمده...
أفكر فى كل ذنب اقترفته فى حياتى و استغفره ...
أتضرع و أسأله ان يخفف ألامى...
بالرغم من انى أحس ان الفرح أختفى من حياتى للابد...
فهو له فى كل شىء حكمة ....
لازلت لم أحقق كل احلامى فى مهنتى..
ولازلت أتأمل فى خلقه و قدرته...
افتقد زوجتى و ابنتى و سعادتى ....
رحلا جميعا...
و لكنى مازلت اشعر ان الله يحبنى ...
قفد عرفت الاّن كيف أتمنى ان تكون جنتى ....